إتهم الفنان، يوسف شعبان، ثورة 23 يوليو 1952 بتدمير الفن والتسبب في هجرة الفنانين إلى الخارج، وأعرب عن تفاؤله في ثورة 25 يناير 2011، معتبرًا أنها ستصلح ما أفسدته ثورة العسكر. والنظام السابق حول غالبية الفنانين إلى “مهرجين”، مؤكداً أن ذلك النظام كان يخاف من الفن الجاد.ووصف شعبان الفنانين الذين ارتموا في أحضان النظام السابق ووقفوا في صفه ضد الثورة بأنهم ضعفاء فنياً، ويعلمون أنهم ما صاروا نجوماً بفضل عملهم وموهبتهم، ولكن بطرق أخرى، لذلك كانوا في حاجة إلى مساندة النظام.وأضاف نقيب الفنانين السابق أن صناعة الدراما ستتخلص من أزمة تحكم شركات الإعلانات فيها، لأن تلك الشركات كانت مملوكة لأبناء صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى المنحل، والذي كان واحدًا من أقوى رجال نظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك.

تعرضت شخصياً لصغوط شديدة من صفوت الشريف عندما قلت كلمة الحق ذات مرة، حين كنت عضوًّا في مجلس إدارة مدينة الإنتاج الإعلامي بصفتي نقيب الممثلين، وأثناء أحد الإجتماعات وكان رئيس مجلس الإدارة عبد الرحمن حافظ وقتها، وقال إنه سيتم إنشاء قسم للسينما، وأن فلان مرشح لتولي رئاسة ذلك القسم، فإعترضت عليه، وقلت إن هذا الشخص متهم في 36 جريمة فساد مالي، فكيف يتولى منصب في مؤسسة عامة، وأيدتني عضوًا أخرى، وأشارت إلى أنه كان متهماً في جرائم أخلاقية أيضاً، ولكني فوجئت بإتصال من حافظ بعد إنتهاء الإجتماع يخبرني فيه أن صفوت الشريف وكان وزيراً للإعلام غاضب جداً مني، لأني إعترضت على ترشيح شخص فاسد لمنصب عام، وتعرضتت للتهديد، وأجبرت على الموافقة على تعيينه في المنصب، وكان هذا هو حال البلد في عهد النظام السابق، لا أحد يعلو فيها سوى الفاسدين.وخلال رمضان الماضي شاركت في مسلسل واحد ، والسبب أنه يكفي عمل واحد في العام، حتى لا يمل الجمهور، “ليه نقرف الناس باستمرار”، المفروض كل فنان يقدم عمل أو اثنين محترمين وكفاية، الغريب أن هناك فنانين يعتقدون أن “دمهم خفيف”،ويطلون في نفس الوقت بعدة مسلسلات وأفلام، كما أن الفنان لابد أن يدقق في إختياراته، وأن لا يكون كل همه تقديم كم كبير من الأعمال، وكنز الأموال، الأهم هو القيمة الفنية التي يمثلها عمله، هناك فنانون قدموا أعمالاً تعد على الأصابع، لكنها في صدارة التاريخ.مسلسل “كليوباترا”هو العمل الوحيد الذي قدمته خلال العام الماضي، هذا المسلسل كان رائعاً، ولم يتعرض لإنتقادات، بل تعرض لظلم شديد في مصر لصالح مسلسل “الجماعة”، فقد وضع النظام السابق كافة الطاقات من أجل هذا المسلسل بهدف ضرب جماعة الإخوان المسلمين، ومن ثم كانت كافة الإشادات تذهب لـ”الجماعة”، بإعتباره العمل الفني الوحيد المتكامل، ولم يكن ذلك خافياً على أحد.وعلى الرغم من ذلك فقد كان مسلسل “كليوباترا”، عملاً فنياً متكاملاً بمعنى الكلمة، ولم يتعرض لإنتقادات سوى من فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق، حيث سأله أحد الصحافيين عن الأعمال الدرامية التي يتابعها، فرد قائلاً إنه يشاهد “الجماعة”، وإمتدحه كثيراً، وأضاف أن باقي الأعمال هي دون المستوى، ومنها “كليوباترا”، مشيراً إلى أنه لم يشاهد سوى الحلقة الأولى منه فقط، وإكتشف أن به العديد من الأخطاء الفنية والتاريخية.


والإنتقادات طالت أداء السورية سولاف فراخرجي لشخصية كليوباترا ولم تكن صادرة إلا من بعض الفنانات المصريات، حيث يشعرن بالغضب من أداء سولاف للشخصية، فهن يرين أن كليوباترا ملكة مصرية، ويجب أن تجسدها ممثلة مصرية، وليس سورية، وأنا أؤكد أن أداءها كان رائعاً، لاسيما في نطق اللغة العربية الفصحى، والحقيقة أن السوريين وخصوصًا الممثلات متفوقات جداً في التمثيل بالفصحى، وعلى الرغم من أن غالبية الممثلات لدينا في مصر خريجات معهد التمثيل إلا أنهن جميعاً لا يجدن التمثيل باللغة العربية، لذلك كانت سولاف مدهشة.
وليس هناك أي صراع بين الدراما السورية والمصرية، بل تكامل، ونحن في العالم العربي في حاجة إلى التكامل، وليس التنافس أو التصارع. نحن نحتاج في مرحلة ما بعد إنتصار ثورة 25 يناير إلى فنان مثقف وواعي، وليس فنانًا صاحب تفكير سطحي، لا يجيد التفرقة بين الغث السمين، لذلك يجب على الفنان أن يكثر من القراءة في التاريخ وعلم الإجتماع وأن يكون مثقفًا بمعنى الكلمة.وعلى الرغم من أننا في مصر بدأنا منذ أكثر من مائة عام في صناعة السينما والدراما مع إيطاليا والهند، إلا أننا تأخرنا عنهما كثيراً، فإيطاليا لديها حالياً صناعة فنية عريقة، والهند لديها صناعة ضخمة أيضاً، لكننا تأخرنا والسبب ثورة 23 يوليو 1952.وثورة 23 يوليو تسببت في موت صناعة الدراما والسينما، حيث أممت شركات الإنتاج، وكانت في غالبيتها مملوكة لأجانب أو لبنانيين أو يهود، وهرب هؤلاء جميعاً للخارج، وبالتالي فقدت مصر الخبرة، حيث تولى إدارة تلك الشركات “صبيان”،هذا إضافة إلى أن من كانوا يقودون البلاد مجموعة ضباط صغار، ليست لديهم القدرة على إستيعاب الأمور، وأن الفن لابد أن يكون معبراً عن الدولة والحضارة المصرية، فأميركا قد لا تكون بالعظمة أو القوة التي نعتقد أنها عليها، ولكنها صورت للعالم كله نفسها كذلك بإستخدام الفن، أما النظام السابق فقد إستخدم الفن في تقزيم مصر الحضارة، وصنعوا أفلاماً تؤصل للحكم العسكري، وليت الأمر إنتهى عند هذا الحد، بل إستخدمت المخابرات الفنانات في أعمال قذرة، ضمن القضية الشهيرة المعروفة بـ”إنحرافات المخابرات”، وبالتالي تم تدمير الفن كصناعة، وإضطر الفنانين للهجرة إلى الخارج للعمل. وهأنا متفائل جداً، بأن الأحوال في مصر ستكون أفضل على جميع الأصعدة.


0 comments

إرسال تعليق

Roua Nazar Clips on Facebook