بسجن مبارك و كل رموز حكمه نحتاج وقفه مع النفس، فاليوم تحقق اكثر بكثير من ما طالبنا به في الميدان، و لمن لا يذكر فإن مطالب الثوره كانت معلقه علي عماره في الميدان (تنحيه مبارك – تشكيل حكومه وطنيه – حل مجلسي الشعب و الشوري - الغاء قانون الطواريء - محاكمه الفاسدين ) و قد تم تنفيذها كلها.
ان جمعه التطهير كانت ضروره ملحه وسط احداث يصر الجميع علي تفسيرها بأنها ثوره مضاده و أن ورائها رموز النظام القديم ... الحمد لله الآن بعد التخلص من هذه الرموز ستتوقف هذه الاحداث او سنتوقف نحن عن تعليق كل مشاكلنا علي شماعه الثوره المضاده و نلتفت للمشاكل الحقيقيه ... المهم انها فرصه سانحه لبدايه جديده.
قبل ان اوجه نقد ذاتي للثوار، او لمن يتكلموا بإسم الثوره، يجب ان اذكر بحياديه أن تباطؤ الجيش و عدم خبرته الاعلاميه و السياسيه هي اهم اسباب وصولنا الي لحظه صدام بين الجيش و الشعب.
بالتأكيد ان الحديث عن تباطؤ الجيش يكون مجحفاً اذا تناسينا كم الاصلاحات و القرارات الفاصله التي تمت في وقت اقل ما يوصف به انه قصير، إلا ان الجيش (بالرغم من سرعته) ظل دائماً متأخراً بخطوه عن الشارع. خطوه لو سبق بها الجيش لتحول الأمر إلي إحتفاء دائم، بدلاً من تأخر بسيط يحول إحساس الشارع إلي انه انتزع حق لم يرد الجيش أن يعطيه بإرادته.
إن الشفافيه التي مازلنا نفتقدها في خطاب الجيش يمكن أن تحل الكثير. إذ أن مشكله مثل حوادث التعذيب المبلغ عنها ضد بعض افراد الجيش كان يمكن إحتوائها ببساطه لو تم الاعتراف بها من القيادات مع التأكيد انها أخطاء فرديه و ليست منهجيه.
نفس الكلام ينطبق علي تعامل الجيش الإعلامي مع معتصمي التحرير بعد جمعه التطهير، فالجيش اصر علي اختراع قصه فلول النظام بدلاً من مواجه الأمر بشفافيه و توضيح موقفه الذي لم يكن يحتاج لشماعه لتحسينه .. و علي الرغم من ضعف منطق المعتصمين إلا ان محاوله طمس الحقيقه (و لو لهدف نبيل و هو المحافظه علي العلاقه بين الجيش و الشعب) أدت لعناد المعتصمين تعللاً بأن الجيش لا يقول الحقيقه.
وأخيراً فإن المصريين جميعاً لا يقبلون أن يتعرض أي مصري لعنف بسبب تعبيره عن رأيه بسلميه ... أو أن يتعرض ناشط لمحاكمه عسكريه تحت أي ظرف.
انتقدت الجيش قبلاً و سأنتقده مره أخري لو شعرت أن نقدي الإستباقي أو بتسميه أخري نصيحتي يمكن أن تحول دون حدوث مشكله و لكن انا ارفض تماماً تخوين الجيش، ارفض تماماً محاوله التأليب علي الجيش أو الوقيعه بين الجيش و الشعب.
كان يجب ان ابدأ بهذه المقدمه قبل ان اصل للحديث عن الثوار او عن كثيرين ممن يتكلمون بإسمهم.
أولآً فإنني لا أجد ما يصف شكري و تقديري لكل ثائر و كل من شارك في هذه الثوره و لو بقلبه أو حتي دعائه ... و لكن أعتقد أن الوقت قد حان لمحاسبه ذاتيه نحتاجها لنكمل علي الطريق الصحيح.
إن ما يحدث الآن من إداره إعلاميه للثوار و الثوره هو أكبر دعايه للثوره المضاده ... إن التعامل غير الحكيم مع الكثير من المطالب خاصه توقيتها و طريقه الضغط المتواصل مع عدم الاكتراث علي الإطلاق بالرأي العام هو سذاجه سياسيه تصل لحد الغباء احياناً.
إن الاعتصام الذي لم تدع اليه أي قوي سياسيه و حمايه الضباط الشباب المنشقين و منع القبض عليهم بالقوه رغم مخالفتهم للقوانين العسكريه، ثم إغلاق ميدان التحرير لهو نقطه سوداء في ثوب الثوره بالنسبه للمواطن العادي ... و بدلاً من أن يراعي أئتلاف الثوره الوسطيه في توجيه اللوم للجيش و للمتظاهرين علي السواء، آثر الائتلاف أن يرضي الثوار علي حساب الثوره .. و صب جام غضبه علي الجيش فقط.
والسؤال الآن: هل استبدلنا دكتاتوريه بإخري؟ اتكلم عن الثوار و ليس الجيش ... هذا ما يتداوله العامه الآن
إن كنتم لا تعلمون فهناك غضب شعبي رهيب علي الثوار ... نعم كسبنا الكثير و لكن في قواعد اللعبه السياسيه في بعض الاحيان يكون طريقه المكسب اهم من المكسب ذاته.
إن الرأي العام الذي لا يكترث له الكثير من الثوار هو الذي سيحدد لاحقاًِ في البرلمان الوزن السياسي الحقيقي لكل فصيل، و أخشي ما اخشاه أن يتحول الأمر لعداء بينهم و بين الثوار ... بل أخشي ان يحول هذا العداء الكثيرين مِن مَن يريدون الاستقرار لمطالبه الجيش في الاستمرار في حكم البلاد، أو علي الاقل تمرير قوانين تقيد الحريات بحجه الأمن و الإستقرار.
إن نبره الاستعلاء علي المثقفين و الاكبر سناً لهي شكوي اسمعها الآن كثيراً ... فأصبح الكثيرون يتعاملون و كأن الحياه بدأت يوم ٢٥ يناير... و في هذا تناسي لمناضلين حقيقين ناضلوا لسنوات قبلنا لكي يعدوا لنا الطريق و يؤهلوا المجتمع لهذا اليوم.
شخصياً قبل أن أحدد موقفي من أي أمر أٍقرأ لأهل الثقه و الخبره و اذا وجدت إجماعاً علي أمر ما أراجع نفسي ... بمجرد أن اذكر هذا لبعض الثوار أفاجأ بتعليقات من نوعيه (انت معندكش مخ ولا ايه) لأ عندي مخ انما معنديش الغرور بتاع اني عشان شاركت في ثوره بقي عندي صك الحقيقه المطلقه.
لو خسر الثوار المثقفين و الرأي العام فأضمن لكم أن يشاهد الثوار تطورات الثوره من مقاعد المشاهدين لا الفاعلين.
لا اشكك للحظه في وطنيه كل من يقع تحت طائله انتقادي، بل ارجو ان يتقبل أسفي الجميع لو كنت وقعت في أي خطأ من ما ذكرت أو أي خطأ آخر لم أتنبه اليه بعد ... و لكن أؤكد أن صوت غالبيه من شاركوا في الثوره الآن غير مسموع، و هو صوت التعقل والتهدئه و مراجعه الأولويات.
إن الثوره للثوره فقط أصبحت خطراً علي الثوره.
ونفاق الثوره الذي اصبح مهنه للبعض الآن، اسوأ بكثير من نفاق النظام القديم ... فالنفاق في مرحله التشكيل يؤدي بنا الي هيكل مشوه و يدفعنا في إتجاه خاطيء.
ادعو كل ثائر، أن يتذكر وصف الشيخ الشعراوي (للثائر الحق) بأنه الذي يتوقف في مرحله ما، بعد أن يحقق هدفه، و أدعو الجميع لنقد ذاتي هدفه التقويم.
الآن و إلي أن يظهر جديد، أري ان يتم تعليق المظاهرات لمده طويله ، ولتبدأ مرحله البناء.
0 comments
إرسال تعليق